التأمين التكافلي
المتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية
يُعَدُّ التأمين ضرورة مُلِحَّة تحمي الأفراد والمؤسسات من الخسائر المادية الناشئة عن تحقيق الحوادث، فهو يعبر عن الحصول على الأمان عند مواجهة خطر معين لتفادي نتائجه الضارة أو على الأقل حصرها في أضيق نطاق ممكن.
كما يُعَدُّ التأمين من أهم الخدمات الاستراتيجية في الاقتصاد الوطني والركائز الأساسية التي تقوم عليها الحياة الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات المتقدمة، حيث نه يساهم بدور حيوي في الحياة الاقتصادية من خلال تجميع أقساط التأمين واستثمارها في مجالات مختلفة، أما في الحياة الاجتماعية فهو يعمل على ضمان الاستقرار والرفاهية، كما أنه أصبح يُؤَدَّى كمهنة طبقاً لأسس وقواعد علمية دقيقة.
نَشَأَت فكرة التأمين من منطلق التعاون أو التضامن في تحمل المخاطر التي قد يتعرض لها الأفراد أو الجماعات وذلك عن طريق توزيع ومشاركة الخسائر التي تلحق بالفرد على الجماعة.
فعند البابليين ورد في القانون حمورابي 2250 ق. م. أن التجار يتفقون فيما بينهم في حالة ما إذا فقد أحدهم سفينته سَتُشَيَّدُ له أخرى بدلاً منها، وانتقلت هذه الفكرة إلى إنجلترا على يد الإيطاليين في القرن الرابع عشر وأقاموا تنظيمات تجارية مَكَنَتْهُم من توسيع نفوذهم كتعزيز مراكزهم المالية، وقد أضفى قانون التأمين البحري سنة 1745 م صفة الشرعية على هذا النوع من الجمعيات، فازدادت بذلك أهمية تلك الجمعيات التأمينية، ومن أبرز تلك الجمعيات جماعة اللويدز”LIYDS” في بريطانيا التي تمارس نشاطها في كافة أنحاء العالم، ويبدو الشكل القانوني لهذه الجماعة وكأنه اتحاد أو هيئة تقوم على تنظيم الأعضاء، حيث يعملون في جماعات صغيرة Syndicates تتكون كلٌّ منها من عدد 10 أو 20 عضواً أو أكثر يقومون بتغطية خطر معين ويوجد لها مجلس إدارة يتولى تسيير أعمالها، وقد اكتسبت هذه الجماعة المتانة والقوة على مَرّ العصور فأصبحت أكبر مركز تأمين في العالم.
وقد ظهر التأمين البري في القرن السابع عشر في أول صورة والتي تتمثل في التأمين على الحريق الذي شَبَّ في انجلترا بعد حريق لندن الشهير عام 1666 الذي دمر 85% من مباني المدينة، وقد قامت شركات التأمين البحري عَقِب هذا الحريق بِضَمّ التأمين البري إلى عملياتها العادية (التأمين ضد الأخطار)، وفى نفس الوقت نشأت عدة شركات للتأمين ضد الحريق في فرنسا وانجلترا وبقية الدول الأوربية.
وخلال القرن التاسع عشر ظهرت التأمينات على المسئولية وحوادث العمل وعلى الأضرار التي تسببها الخيول والتأمين على السيارات، وذلك بسبب تطور الثورة الصناعية وانتشار الآلات الميكانيكية وتعرض العمال لمخاطرها.
أما في القرن الحالي؛ فقد تعددت مظاهر التأمين وكثرت مجالاته بسبب تعقيدات الحياة الحديثة التي أَدَّت إلى زيادة المخاطر فيها فأصبح التأمين يغطي الكثير من الأحداث الطبيعية ناهيك عن المخاطر الناجمة عن الحروب كالنقل الجوي، والتأمين ضد حوادث وتكسر الآلات، بالإضافة إلى التأمين على الديون والمسئولية المدنية.
وقد نَشَأَت فكرة التأمين التكافلي منذ نهاية السبعينيات من القرن العشرين كفكرة مكملة ومعززة لفكرة الصيارفة أو البنوك الإسلامية، حيث تم تأسيس أول شركة تأمين تكافلي بدولة السودان من قِبَل بنك فيصل الإسلامي عام 1977، تلاها شركة الإسلامية العربية للتأمين بدولة الإمارات العربية المتحدة بمبادرة من بنك دبي الإسلامي عام 1979، ثم انفصل التأمين التكافلي عن المصارف الإسلامية وتم تأسيس العديد من شركات التأمين التكافلي بشكل مستقل على مستوى العالم.
وقد كان هناك العديد من العلامات الهامة الفارقة في تطور التأمين التكافلي عالمياً وأهمها:
- صدور أول قانون خاص بتنظيم التأمين التكافلي عالمياً (قانون التكافل 1984) بماليزيا.
- تأسيس هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI) عام 1990 ومقرها مملكة البحرين، وهي هيئة معنية بوضع المعايير الشرعية والمحاسبية للأنشطة المالية الإسلامية ومنها التأمين التكافلي.
المعنى الاصطلاحي لكلمة “تكافل”: يُقْصَد بكلمة تكافل في اللغة العربية ضمان/كفالة الناس بعضهم البعض أو الضمان المشترك/المتبادل، والتأمين التكافلي مبني على نظام التبرع الذي يجعل هذا التأمين خالياً من الجهالة ومن القمار، فكل مشترك في نظام التأمين التكافلي يطلب الحماية عليه أن يُخْلِص النِيَّة في مساعدة المشتركين الآخرين عند تعرضهم للمخاطر. وهكذا يمكن القول بأن لدينا تأمين تكافلي يتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية وذلك عندمـا يوافق مجموعة من الأفراد على المشاركة في صندوق/حساب تم إنشاؤه لإصلاح الضرر الذي قد يتعرض له أي من المشتركين (المتكافلين)، نتيجة تحقق أي من الأخطار المضمونة الموجودة في عقود التكافل (التأمين).
التأمين التكافلي في تعريفه هو تأمين يتفق في كافة تعاملاته مع مبادئ الشريعة الإسلامية حيث يتم فيه إبرام التعاقد والاستثمارات لأموال المشتركين، وتقوم الفكرة الأساسية لمفهوم التأمين التكافلي على فكرة مشاركة أصحاب المصلحة الحقيقية في التأمين وهم حملة الوثائق أو المؤمن لهم المشتركين في التأمين في التعاون فيما بينهم لمواجهة الأخطار المحتملة وتعويض الخسائر المادية الناجمة عن تحقق تلك الأخطار، يتم توزيع الأضرار المادية الناتجة عن تحقق الخطر المتوقع حدوثه فيما بينهم عن طريق التعويض الذي يُدْفَع إلى المشترك المتضرر من مجموعة حصيلة اشتراكاتهم بدلاً من أن يتحمل المتضرر بمفرده كافة الأعباء الناتجة عن هذا الضرر.
عقد التأمين التكافلي هو عقد يلتزم فيه المُؤَمِّن (شركة التأمين) باعتبارها مدير التأمين نيابةً عن كل المُؤَمَّن لهم (المشتركين-حاملي الوثائق) بأن يؤدي إلى المُؤَمَّن له أو المستفيد مبلغاً من المال أو أي تعويض في حالة وقوع الحادث المُؤَمَّن ضده، أو تحقق الخطر المبين في العقد (التعويض في التأمين)، وذلك مقابل مبلغ محدد يؤديه المُؤَمَّن له (المشترك حامل الوثيقة) إلى المُؤَمِّن (شركة التأمين) على وجه التبرع لمقابلة التزامات المُؤَمِّن (القسط).
كما تتعامل شركات التأمين التكافلي على أساس مبادئ الشريعة الإسلامية، لذا فإن ما يعينها على تحقيق هدفها هو أن تستعين بذوي الاختصاص الشرعي لضمان تجسيد المبادئ الشرعية في حقل التأمين التكافلي، حيث تقوم هيئة دائمة للفتوى والرقابة الشرعية بالرقابة على جميع الأعمال لضمان عدم تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وتكون قرارات هذه الهيئة ملزمة.
مبادئ وأهداف التأمين التكافلي
- الالتزام بالتبرع: هو أحد أنواع المعاملات المالية الإسلامية الأساسية لبرامج التأمين التكافلي، وهو المبلغ الذي ساهم به كل مشترك في التأمين للوفاء بالتزامات المساعدة المتبادلة ودفع المطالبات المقدمة من المشتركين.
- التعاون: (المواساة التعاونية) مبدأ أساسي آخر في عملية التأمين التكافلي، حيث يتفق المشتركون أن يعوض بعضهم بعضاً عن خسائر معينة.
- المشاركة: كل حامل وثيقة تكافل يدفع اشتراك (قسط في شكل تبرع) لمساعدة من يحتاج من المشاركين الآخرين في صندوق التكافل.
- الهدف الأساسي للتأمين التكافلي ليس الربح وإنما المواساة التكافلية المشتركة.
- هناك جانب أساسي في عمل شركة التأمين وهو الاستثمار، لا يمكن الدخول في أي مجال استثماري حيث يجب التأكد من تجنب الاستثمارات التي تتعامل بالفائدة.
- نماذج الإدارة الاسلامية الأكثر استخداماً في شركات التأمين التكافلي تتمثل في النماذج التالية (نموذج المضاربة، نموذج الوكالة، النموذج المختلط “الوكالة-المضاربة”).
- الوضع الحالي لشركات التأمين التكافلي في مصر: بلغ عدد شركات التامين التكافلي 10 شركات بإجمالي قيمة الاستثمارات 11.6 مليار جنيه في نهاية 2023، وقد صدر القانون رقم 155 لسنة 2024 بإصدار قانون التأمين الموحد الذي تضمنت مواده (من 192 حتى 197) أحكام تنظيم عمل شركات التأمين التكافلي وإعادة التأمين التكافلي. للإطلاع إضغط هــــــنا
قرار مجلس إدارة الهيئة رقم 147 لسنة 2024
قرار مجلس إدارة الهيئة رقم (5) لسنة بشأن تعديل دليل معايير المحاسبة المصرعلى قطاع التأمين
قرار مجلس إدارة الهيئة رقم (23) لسنة 2019 بشأن ضوابط التأمين التكافلي
قرار مجلس إدارة الهيئة رقم (194) لسنة 2022بشأن تعديل ضوابط الترخيص من التكافل إلى التجارى